تشيلي، بين استخلاص العبر والتطلع للمستقبل الثلاثاء 29 يونيو 2010
رغم
الهزيمة المؤلمة على يد البرازيل، تبقى نهائيات كأس العالم جنوب أفريقيا
2010 مليئة بالذكريات الجميلة للتشيليين. فقد أبهر منتخبهم كل
المتتبعين بأسلوبه الهجومي الجميل، واندفاعه المستميت على امتداد
المباريات التي خاضها، إضافة إلى جمهوره الرائع الذي زين المدرجات بألوان
العالم الوطني، ناهيك عن اللاعبين الشباب الذين تركوا انطباعاً جيداً في
أول مونديال تستضيفه القارة السمراء.
ومنذ المباراة الأولى، أكد أبناء مارسيلو بييلسا أنهم
أتوا إلى جنوب أفريقيا لترك بصمة في سجل أم البطولات، حيث ظهروا بمستوى
جيد ومقنع في جميع مبارياتهم، لينهوا دور المجموعات في المركز الثاني
بفارق الأهداف خلف العملاق الأسباني، بعدما تقاسموا نفس عدد النقاط مع
أبطال أوروبا. لكن القدر لم يكن رحيماً برفاق كلاوديو برافو، حيث وضعهم في
امتحان عسير أمام نجوم البرازيل ضمن ثمن النهائي، علماً أن منتخب
السيليساو يعد بمثابة "الغول" الذي يقض مضجع التشيليين على مر العصور.
وبالفعل، عادت كتيبة السامبا لإخراج لاروخا من دور الـ16 تماماً كما حدث
في دورة فرنسا 1998، التي شهدت آخر مشاركة تشيلية في النهائيات.
وبينما يبدو حاضر الكرة التشيلية مجيداً ومشرفاً، فإن
مستقبلها يعد بالكثير، وهو ما أكده المدافع جونزالو خارا في حديث حصري مع ، حيث صرح قائلاً: "لقد كان منتخبنا أصغر فريق في المونديال، إذ كانت
أعمار جميع اللاعبين تتراوح بين 23 و24 سنة. ستكون هذه التجربة مفيدة لنا
في القادم من السنوات، وسنحاول استغلالها أحسن استغلال في 2014."
بداية مثالية
استهلت تشيلي مشوارها
في جنوب أفريقيا 2010 أمام هندوراس، في مباراة كان فيها نجوم لاروخا
مرشحين بقوة لحصد النقاط الثلاث، وهو ما أكدوه فوق أرضية الميدان. ورغم
قلة التجربة الدولية لدى لاعبي بييلسا، فإن الفريق أبلى البلاء الحسن
وسيطر على اللقاء من البداية إلى النهاية، محققاً فوزاً ثميناً ولو بحصة
صغيرة (1-0).
ثم جاءت المباراة الثانية أمام سويسرا التي دخلت غمارها
منتشية بتفجير أكبر مفاجأة في الجولة الافتتاحية بفوزها على أسبانيا. لكن
تشيلي لعبت بحماس وطموح كبيرين، مما مكنها من خلق العديد من فرص التسجيل،
رغم أنها اكتفت في نهاية المطاف بهدف يتيم دون رد، كان من توقيع النجم
المتألق مارك جونزاليس في الشوط الثاني من اللقاء.
ورغم الفوز في هاتين المباراتين، فإن تأهل تشيلي بقي
مؤجلاً إلى الجولة الثالثة والأخيرة، إذ كان رهيناً بعدم تلقي هزيمة ثقيلة
على يد أبطال أوروبا أو تمني عدم فوز سويسرا على هندوراس في المباراة
الأخرى. وبالفعل ذهبت رياح اليوم الأخير من دور المجموعات بما تشتهيه سفن
بييلسا، حيث تعادل منتخب بلاد الألب سلباً مع كتيبة كاتراتشوس، بينما نجح
التشيليون في تقليص تراجعهم أمام الأسبان لينهوا المباراة بخسارة ضيقة
1-2، علماً أن رفاق برافو وقفوا نداً للند أمام العملاق الأيبيري رغم لعب
55 دقيقة كاملة بنقص عددي.
هزيمة متوقعة، تطلعات كبيرة
بدا
وكأن التشيليين لم يكونوا يعقدون آمالا كبيرة على مباراتهم أمام البرازيل
في ثمن النهائي، وهم الذين يعلمون علم اليقين أن أبطال العالم خمس مرات
يتفوقون عليهم في تاريخ المواجهات الثنائية. ورغم المجهود الكبير والشجاعة
التي أبداها الفريق ناهيك عن سيطرته على الكرة واقترابه من هز الشباك خلال
نصف الساعة الأول، إلا أن كتيبة لاروخا خرجت منهزمة بثلاثية نظيفة وبدت
بلا حول ولا قوة مع كل هدف يدخل شباكها.
ورغم الهزيمة القاسية إلا أن لاعبي تشيلي ظهروا بمعنويات
غير مهزوزة بعد الصافرة النهائية، إذ اعتبروا النتيجة بمثابة درس مفيد يجب
استخلاص عبره وفوائده، وهو ما أكده خارا بالقول: "لا يمكن أن يشعر المرء
بالارتياح بعد الخسارة بطبيعة الحال، لكن الفريق ترك انطباعاً جيداً في
هذه البطولة، إذ لم يتخلَّ عن أسلوبه الهجومي بغض النظر عن الخصم الذي كان
يواجهه."
ومن جهته، قال الكابتن كلاوديو برافو محللاً: "ربما
خاننا التركيز في إتمام العمليات الهجومية التي خلقناها. لكننا واجهنا
منتخبا من العيار الثقيل وقد بدا تفوقه علينا واضحاً في المباراة. سنقوم
باستنباط العبر الإيجابية من هذا المونديال، آخذين بعين الاعتبار أن
الفريق لم يشارك في كأس العالم منذ 12 سنة كاملة."
من المؤكد أن المشاركة التشيلية في جنوب أفريقيا 2010
ستبقى عالقة في الأذهان لسنوات طويلة، ولربما ستنجح في محوها مشاركة أفضل
في نهائيات البرازيل عام 2014، إذ بات تفكير الأنصار واللاعبين منصباً منذ
الآن على تحسين المردود ورد الاعتبار في الدورة القادمة.